هل تصمد قناة السويس أمام تداعيات كورونا وتهاوي أسعار النفط – مصدر24

هل تصمد قناة السويس أمام تداعيات كورونا وتهاوي أسعار النفط

هل تصمد قناة السويس أمام تداعيات كورونا وتهاوي أسعار النفط

القاهرة – تلقت قناة السويس صدمة مضاعفة، فلم تكد تستوعب ركود حركة التجارة العالمية بسبب فايروس كورونا، حتى صدمها تراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوى خلال 18 عاما في شهر أبريل الماضي، ما أتى على تنافسيتها كممر عالمي لنقل البضائع.

تفاقمت الصدمة بعد إعلان ثلاثة خطوط ملاحية عالمية تحويل مسار عدد من سفن الشحن التابعة لها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، بهدف خفض تكاليف التشغيل. تتبع السفن تحالف “تو.أم” الذي يضم خط “ميرسك” للحاويات وخط “أم.أس.سي” وخط “سي.أم.إي – سي.جي.أم”.

وأصبح الإبحار لمسافات أطول أرخص بعد تهاوي أسعار الوقود، ويجنب الوضع الجديد السفن تحمل عبء رسوم عبور قناة السويس المرتفعة.

أحمد الشامي: خطوط الملاحة العالمية تضغط على القاهرة لحصد الحوافز

وشهد الربع الأول من العام الحالي حربا حامية قادتها السعودية بعد انهيار تحالف “أوبك بلس” الذي يجمع منتجي منظمة أوبك وحلفائها من خارج المنظمة، بقيادة روسيا، الأمر الذي أربك سوق النفط، ودفع الأسعار إلى الهبوط وسط المعركة وأجواء كورونا إلى مستوى 19.33 دولارا لبرميل خام برنت في غرة أبريل الماضي.

ورغم صعود أسعار برميل خام برنت متجاوزا حاجز 30 دولارا ومقتربة من مستوى 35 دولارا بفضل الفتح الجزئي للاقتصاد عالميا، إلا أن هذه المستويات لا تزال متدنية جدا بذات المستويات في 19 فبراير الماضي عند 59 دولارا، ومستويات سبتمبر 2018 عند 82 دولارا.

وزادت المتغيرات الجديدة من أعباء القناة، حيث فرضت الصراعات الجيوسياسية على أطراف مضيق باب المندب، سواء في اليمن، أو القراصنة مساهمة القاهرة في تكاليف تأمين المضيق من أجل حماية مصالحها وتأمين ممرها الملاحي.

ورغم سعي القاهرة للحفاظ على شريانها الملاحي الهام، إلا أن المناوشات الخارجية التي تواجه قناة السويس مستمرة حتى من حليفتها موسكو التي تخطط لسحب البساط من قناة السويس بجذب السفن للمرور شمالا عبر مياه المحيط المتجمد الشمالي.

وفي سبيل تحقيق حلم الدب الروسي، تغازل موسكو الخطوط الملاحية عبر دفع تعويضات لها عن أي أضرار محتملة، لأن هناك بالفعل توجهات لنقل الغاز الطبيعي المسال عن طريق الشمال.

وما يهدئ من وتيرة روسيا أن الناقلين التجاريين ليسوا على استعداد لدفع تكلفة تأمين مضاعفة وتأجير كاسحات للجليد، إلا أن موسكو تسعى بقوة من أجل تنمية القطب الشمالي، وتعتزم تشجيع هذا التحول بعيدا عن قناة السويس، والدعاية للممر كوسيلة انتقال على مدار العام بحلول 2030.

وقلل أحمد الشامي خبير النقل البحري من تأثير المساعي الروسية على قناة السويس، رغم الحوافز التي تقدمها للخطوط الملاحية، قائلا لـ”العرب”، “إن أكبر كمية بضاعة عبرت المحيط المتجمد الشمالي بلغت نحو 6.5 مليون طن العام الماضي، في الوقت الذي يمر 1.2 مليار طن من خلال قناة السويس”.

ووصف اتجاه بعض خطوط الملاحة العالمية لتغيير المسار إلى رأس الرجاء الصالح، بأنه أمر مؤقت، ووسيلة ضغط للحصول على المزيد من الحوافز، فقناة السويس تستطيع الصمود، لأن الوقود يمثل من عناصر تشغيل السفن وليس العنصر الأكبر الذي يحدد مسار عبور السفن.

ويعد عنصر الوقت من عوامل التنافسية المهمة في مجال شحن البضائع، وبالتالي فإن أمام القناة فرصة لخطب ود هذه الخطوط الملاحية عبر منحها تخفيضات بقدر وفورات تغيير المسار إلى رأس الرجاء الصالح الذي يدور حول أفريقيا. وتختصر القناة التي يبلغ طولها 192 كيلومترا، زمن الرحلة بين آسيا وأوروبا بنحو 15 يوما في المتوسط.

وتمنح هيئة قناة السويس حوافز وتخفيضات لسفن الحاويات القادمة من موانئ شمال غرب أوروبا والتي تقصد جنوب شرق آسيا والشرق الأقصى بنحو 17 في المئة من رسوم العبور. وأمعنت في التخفيض الممنوح لناقلات الغاز الطبيعي المسال العابرة لقناة السويس ليصبح 30 في المئة بدلا من 25 في المئة.

خطوط ملاحية تغيرت وجهتها
خطوط ملاحية تغيرت وجهتها

وكشفت مصادر لـ”العرب” أن الهيئة تعكف حاليا على دراسة عدد من الحوافز لحث الخطوط الملاحية التي غيرت وجهتها إلى طريق رأس الرجاء الصالح على العودة مجددا إلى قناة السويس، فيما تلقت الهيئة نحو 59 طلبا من خطوط ملاحية للاستفادة من هذه الحوافز.

وتسهم إيرادات قناة السويس بنحو 23 في المئة من صادرات قطاع الخدمات ونحو 3.7 في المئة من عائدات الموازنة العامة، فضلا عن 7 في المئة من تدفقات الحساب الجاري للبلاد.

وأشار عادل اللمعي رئيس غرفة ملاحة بورسعيد إلى أن إيرادات القناة سوف تتأثر نتيجة كساد الاقتصاد العالمي، والذي ترتب عليه إلغاء عدد كبير من رحلات الشحن لمختلف المقاصد. وأكد لـ”العرب” أهمية قيام مركز البحوث والاستثمار التابع للهيئة بدراسة الخطط البديلة، والنظر في رسوم العبور للحفاظ على جاذبية قناة السويس كشريان حيوي في قلب حركة التجارة العالمية.

وتستحوذ قناة السويس على نحو 12 في المئة من حجم حركة التجارة العالمية، وتجوب 41 ألف سفينة حاويات البحار حول العالم، وتقصد التجارة مع أسواق أوروبا وأفريقيا وأوروبا وآسيا، وليس أمامها ممر عبور أسهل وأسرع من قناة السويس، الأمر الذي يحتاج إلى تحرك سريع لقنص هذه الفرصة.

عادل اللمعي: ركود الاقتصاد العالمي ينال من إيرادات القناة

ولفت عثمان شوقي، مدير ميناء نويبع البحري الأسبق، إلى أنه رغم تراجع أسعار النفط عالميا إلا أن قناة السويس تظل الممر الآمن والأسرع لسفن الحاويات على مستوى العالم.

وأوضح لـ”العرب” أن طريق رأس الرجاء الصالح محفوف بمخاطر الصراعات التي تشهدها بعض الدول الأفريقية، ما يدفع شركات التأمين عالميا إلى رفع قيمة وثائق التأمين على السفن التي تسلك هذا الطريق، فضلا عن العواصف البحرية التي تكون أكثر حدة.

وكشف المركز المصري للدراسات الاقتصادية عن مسارين لعوائد قناة السويس، وسط توقعات بتحقيق خسائر في الإيرادات السنوية في المرحلة الثالثة من دورة الأزمة التي بلغت ذروتها في منتصف مارس الماضي.

ويتبنى المسار الأول وجهة نظر متفائلة ويتوقع حدوث تراجع في الإيرادات السنوية بنسبة 10 في المئة بما يعادل 585 مليون دولار، أما المسار الثاني (المتشائم)، فيتوقع زيادة نسبة التراجع بنحو 876 مليون دولار بافتراض انخفاض عدد السفن العابرة بنسبة 15 في المئة استنادا إلى الوضع الذي شهدته الأزمة المالية العالمية.

ولا يتوقع التقرير الذي أعده المركز حول تأثير كوفيد – 19 على عائدات قناة السويس احتمال تعافي إيراداتها العام الحالي، لكن قد تعاود الإيرادات ارتفاعها مع بداية العام المقبل لتقترب من مستوياتها قبل تداعيات الأزمة الحالية.

وسلطت الأزمة الضوء على أوجه الضعف المؤسسي في مدى تأثر قناة السويس بالتجارة الدولية بعيدا عن سيطرة الحكومة، وظهرت أوجه الضعف خلال العديد من الأحداث، مثل الأزمة المالية العالمية، وانخفاض أسعار النفط عام 2015.

ويتحدد الطلب على القناة بعوامل خارجية تنال من تنافسيتها، وتأتي الحاجة إلى إنشاء منطقة صناعية في قناة السويس لتعزز منها كمنطقة لوجستية تركز على الصادرات، لذلك تم إطلاق مشروع تنمية منطقة قناة السويس بهدف تطوير إقليم القناة، لكنه لا يزال أبعد ما يكون عن الاكتمال، ما يتطلب المزيد من الجهود لتحسين جاذبيته للمستثمرين.

'