هل نفهم حقا كيف يفكر أردوغان – مصدر24

هل نفهم حقا كيف يفكر أردوغان

واشنطن – اتبعت تركيا في الأسابيع الأخيرة أسلوبا جذابا في خطابها مع الاتحاد الأوروبي، وكذلك مع الدول العربية، التي تربطها بها علاقات متوترة بعد أن ترك الوضع المالي الهش للبلد حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان عاجزة عن إعادة إنتاج اقتصاد قوي كما فعلت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والذي عزز من مكانة حزب العدالة والتنمية في السلطة.

وأجبر ذلك أردوغان على اتباع سياسة خارجية تضع خطاً بين الأيديولوجية الاسترضائية والاستقلالية للحفاظ على المركز السياسي المهيمن لحزبه الحاكم في البلاد قبل انتخابات عام 2023.

ويفسر الباحثان إميلي هوثورن وريان بول في مركز ستراتفور للدراسات الأمنية والاستراتيجية أن أنقرة تسعى إلى تخفيف الصورة السلبية التي تشكلت بسبب سلوكها الإقليمي والمحلي لحماية اقتصادها وحكومتها من الإجراءات الاقتصادية العقابية والأضرار السياسية اللاحقة. وفي خضم هذا كله برزت التناقضات التي لطالما اتسمت بها سياسات أردوغان.

تنازلات ظرفية

ساعد استئناف تركيا للمحادثات المباشرة مع اليونان في يناير الماضي بسبب نزاعهما في شرق المتوسط على تحسين علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي وتجنب عقوبات أوروبية التي كان من المفترض أن يتم توقيعها.

وبناء على ذلك أعلن التكتل نهاية مارس الماضي أنه مستعد للتعامل مع تركيا بطريقة مرحلية ومتناسبة وقابلة للتراجع لتعزيز التعاون في عدد من المجالات ذات الاهتمام المشترك. وقد أسفر اجتماع عقد مؤخرا بين كبار المسؤولين الأتراك والأوروبيين عن اتفاق لتعميق التعاون الاقتصادي بين الجانبين.

وكان أردوغان قد قال إن حكومته سعت للمساعدة في إرساء السلام في الشرق الأوسط وزيادة عدد “الحلفاء” لتركيا في جميع أنحاء العالم. وقبل أيام ذكرت وسائل إعلام أن أنقرة أمرت جماعات المعارضة المصرية المتمركزة في تركيا بتخفيف انتقاداتها للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

ففي منتصف مارس الماضي، كشف وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن بلاده أجرت اتصالات مع مصر على مستويي المخابرات والخارجية في أعقاب إشارات تركية بأنها يمكن أن تعقد اتفاقية بحرية مع القاهرة مما يشير إلى تحسن العلاقات بين الخصمين. كما أكد أن تركيا منفتحة على إعادة بناء العلاقات مع الخصمين السياسيين والتجاريين، السعودية والإمارات.

إميلي هوثورن: الحد من الاحتكاكات السياسية سيكون مفيدا لاقتصاد تركيا

وقد أفرز سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان وعلاقتها بروسيا، فضلا عن نشاط التنقيب العدواني في شرق المتوسط، ودورها في مناطق الصراع الإقليمية مثل سوريا، نقاط خلاف اقتصادية وسياسية مع شركاء أنقرة الغربيين والإقليميين.

وتقول هوثورن محلل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز ستراتفور إن هذه القضايا تزيد من احتمالية توقيع العقوبات على تركيا، وتحد من إمكانية تحقيق فائدة اقتصادية تجارية أكبر مع الدول الأخرى.

وللحفاظ على موقعها السياسي المهيمن قبل انتخابات 2023، تريد حكومة أردوغان تقليل احتمالية تعرض تركيا لعقوبات أكثر إيلاما من الشركاء الغربيين والتي يمكن أن تعمق تقلب الليرة المستمر. وترى هوثورن أن الحد من الاحتكاكات السياسية مع دول الخليج العربي يحمل وعودًا بفرص تجارية.

وفعليا، تواجه تركيا وضعا ماليا هشا منذ 2018، وأدى إصدار تعديل وزاري بشأن البنك المركزي في مارس إلى دخول الليرة مرحلة جديدة من التقلبات.

وكانت عقوبات الاتحاد الأوروبي على تركيا بسبب سلوكها العدواني واستفزازاتها في شرق المتوسط أمرا رمزيا حتى الآن، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى أن التعاون في قضايا مثل صفقة المهاجرين مفيد بالنسبة لبروكسل. وستسعى أنقرة إلى الاستمرار على هذا النحو من أجل تجنب توقيع العقوبات عليها.

وإلى جانب ذلك، قاطع المواطنون السعوديون بشكل غير رسمي المنتجات التركية في السنوات الأخيرة احتجاجًا على سلوكها الإقليمي، بما في ذلك دعم أنقرة لتيارات الإسلام السياسي.

اللعب على التناقضات

رغم هذا الاستعداد الجديد لتعديل التصورات العالمية لسلوكها، لكن بول محلل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمركز ستراتفور، يستبعد أن تغير تركيا استراتيجياتها العامة بشكل كبير، ما يعني أن علاقات أنقرة مع الدول الغربية والدول العربية المجاورة ستظل متوترة.

ووسط هجومها الدبلوماسي الجديد، أوضحت أنقرة أنها لن تخون مقتضيات الأمن القومي الخاصة بها، حيث صرح أردوغان أن الأتراك “ليس لديهم مشاكل لا يمكن حلها مع أي دولة تحترم المصالح الوطنية لبلدنا”.

وتشرح هوثورن كيف أن بيان أردوغان يؤكد أن تركيا ستسير على طريقها هذا لتحقيق ما تحتاجه من الدول الأخرى وتجنب العقوبات دون التضحية بمطالبها واحتياجاتها المتعلقة بالأمن القومي.

وتتطلب المصالحة الفعلية العميقة مع الاتحاد الأوروبي ومصر اتخاذ المزيد من الإجراءات من الجانب التركي والتي من شأنها أن تتعارض مع حتمية الأمن القومي لأنقرة. ورغم إمكانية التنسيق الأعمق مع بروكسل، فمن المستبعد أن تعترف تركيا بسيادة قبرص لأن أنقرة تعتبر شمال قبرص أرضًا تركية كاملة.

وأعلن أردوغان مطلع مارس الماضي، عن خطة عمل شاملة لحقوق الإنسان مدتها سنتان تتعهد بتعزيز سيادة القانون وزيادة الشفافية القضائية وتخصيص المزيد من الحريات للصحافيين الأتراك. ولكن بعد أسبوعين فقط، أعلن انسحاب تركيا من اتفاقية إسطنبول لحقوق المرأة، وأصر على أن القانون المحلي يوفر حماية كافية للمرأة.

وبينما نال الحدث الأول إشادة من الاتحاد الأوروبي، أثارت الخطة الثانية انتقادات، مما يؤكد حدود رغبة تركيا في مواءمة سياستها مع سياسات شركائها وجيرانها.

وتمنح هذه التنازلات التي تقدمها تركيا، فضلاً عن خطابها الذي بدا أنه يلين، المرونة لمواصلة إجراءات السياسة الخارجية التي تلعب بشكل جيد مع قاعدة حزب العدالة والتنمية في الداخل في منعطف سياسي حرج تتخذه تركيا الآن.

وحتى الحد الأدنى من التعاون مع الشركاء الأجانب يمنع أنقرة من تأجيج توترات سياسية واقتصادية أكبر مع شركائها وجيرانها مع استمرار التمكن من مواصلة سلوكها كما يتراءى لها الأمر.

ووعد قادة الاتحاد الأوروبي مطلع الشهر الحالي بتقديم تمويل إضافي لتركيا مقابل تجديد اتفاق الهجرة مع التكتل، كما فتحت بروكسل الباب لتحديث اتفاقها الجمركي مع أنقرة، مما سيساعد في تحسين الاقتصاد التركي.

ومن المحتمل أن تؤدي إعادة الدبلوماسية مع مصر والإمارات والسعودية لإيجاد حسن نية سياسية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين انتقدا السلوك التركي في السنوات الأخيرة باعتباره عدوانيا ومنحازا لجهة واحدة ومزعزعًا لاستقرار الأمن الإقليمي خاصة في الصراع بمناطق مثل ليبيا وسوريا حيث تتداخل المصالح التركية والعربية.

وسيساعد هذا في حماية تركيا من مخاطر توقيع العقوبات الغربية، حتى مع استمرار سلوكها في مناطق الصراع تلك سعياً لتحقيق ضرورات الأمن القومي التي تلعب بشكل جيد لصالح ناخبي حزب العدالة والتنمية.

وعلى الصعيد الداخلي، فإن تحسين العلاقات مع مصر سيصور أردوغان على أنه الوسيط ورجل الدولة ومنافس السيسي، الذي يُنظر إليه على أنه الرجل المعتدي الذي يقف حائلاً أمام التصالح بين الدولتين.

أما على الصعيد الإقليمي، أثبتت الرغبة في الوساطة مع مصر بالفعل أنها مفيدة على أرض المعركة في ليبيا، حيث أحرزت كل من أنقرة وشركاء القاهرة المتحالفين في البلاد تقدمًا نحو إجراء انتخابات طال انتظارها هذا العام.

لكنّ الباحثين هوثورن وبول يعتقدان أنه من غير المرجح أن تسحب تركيا دعمها الدبلوماسي والاقتصادي بالكامل عن تيارات الإسلام السياسي في جميع أنحاء المنطقة ومع ذلك ستفتح مبادرات أنقرة مجالات مهمة للتعاون مع مصر ودول الخليج العربي.

تعزيز القبضة داخليا

دبلوماسية جديدة
دبلوماسية جديدة

سيتبنى حزب أردوغان سياسات ترضي قاعدته الإسلامية بترسيخ الدين في ثقافة البلاد واقتصادها. كما سيكثف جهوده لتزوير النظام الانتخابي في البلاد لصالحه، مما يدفع تركيا نحو حقبة استبدادية جديدة. وتجبر أرقام الاستطلاعات المتراجعة وظهور أحزاب متنافسة ومستقبل اقتصادي غير مؤكد الحزب على إعادة التفكير في استراتيجيته السياسية قبل انتخابات يونيو 2023.

ونظرًا لأن حزب العدالة والتنمية يفقد السيطرة على إدارة الاقتصاد، فإنه يفكر في التكتيكات القديمة، مثل إعادة تشكيل النظام الانتخابي في البلاد لصالح حزب العدالة والتنمية وشريكه الحاكم، حزب الحركة القومية.

وفي حين أنه ليس من المؤكد أن مثل هذه التكتيكات ستحقق انتصاراً للحزب في الانتخابات، سواء كان ذلك في 2023 أو قبل ذلك، فقد أصبح من الواضح أن السجل الاقتصادي لن يكون محوراً ذا أهمية في سياسته.

وأظهر 15 استطلاعاً للرأي لرويترز في أول ثلاثة أشهر من هذا العام أن الدعم الشعبي المشترك لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية قد انخفض إلى 45 في المئة وهو مستوى يشير في انتخابات جديدة إلى أن الائتلاف الحاكم قد يخسر كلاً من البرلمان والرئاسة.

وبرزت العديد من الأحزاب المنشقة عن حزب العدالة والتنمية، بقيادة كبار المسؤولين السابقين في الحزب الحاكم الغاضبين من إدارة أردوغان بسبب الاقتصاد ونهج مركزية السلطة. ومن بين هؤلاء العضو المؤسس علي باباجان الذي يترأس حزب الديمقراطية والتقدم (ديفا)، وحزب المستقبل الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو.

ومن أجل الحد من المكاسب المحتملة التي ستحققها أحزاب المعارضة في انتخابات مستقبلية من المرجح أن يقوم حزب أردوغان بتعديل القوانين والإجراءات الانتخابية التي تجعل المنافسة أكثر صعوبة بالنسبة لهم، مع فرض قيود وحتى حظر تام لحزب الشعوب الديمقراطي الذي يديره الأكراد.

وسيكون حزب أردوغان قادرا على استخدام سيطرته على البرلمان لتغيير القوانين والعتبات الانتخابية لتناسبه بشكل أفضل وكذلك حزب الحركة القومية على الفصائل المنشقة مثل حزب المستقبل ما سيقلل من التهديد السياسي المحتمل من المعارضين.

ومن المرجح أن تطلق الحكومة حملات قمع ضد حزب الشعوب الديمقراطي لإضعاف صفوف المعارضة. وسيبحث تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية عن طرق لإضعاف نفوذ المعارضة المتبقي في القضاء أيضًا.

وللدخول إلى البرلمان يفترض أن يحقق أي حزب 10 في المئة من الأصوات. وبالمقارنة مع البرلمانات الأخرى في جميع أنحاء العالم، لطالما انتقدت أحزاب المعارضة بشدة هذا المعيار المرتفع غير العادي الذي اعتبرته غير مناسب.

ومع ذلك، أفادت تقارير أن حزب العدالة والتنمية قد فكر في إسقاط العتبة لضمان قدرة حزب الحركة القومية على الصمود في وجه تراجع شعبيته. لكن مثل هذه المقترحات لتخفيض العتبة ستظل أعلى بكثير من أعداد الاستطلاعات الحالية لأحزاب مثل حزب المستقبل المنشق عن حزب أردوغان وحزب ديفا لمنعها من دخول البرلمان.

وفي أوائل مارس الماضي، رفع مدع عام بارز تابع لحزب العدالة والتنمية دعوى ضد حزب الشعوب الديمقراطي لحظر الحزب بسبب صلاته المزعومة بالإرهابيين الأكراد. وبعد عدة أيام رفضت المحكمة الدستورية لائحة الاتهام، مستشهدة بأخطاء إجرائية، مما دفع زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي للمطالبة بإغلاق المحكمة على أساس أنها كانت متساهلة للغاية مع حزب الشعوب الديمقراطي.

ولا ينتمي حزب الشعوب الديمقراطي رسميًا إلى حزب العمال الكردستاني المتشدد، لكن حزب أردوغان لطالما روّج لقصة تواطؤ بين الاثنين. ودون حزب الشعوب الديمقراطي من المرجح أن تزداد سيطرة الحزب الحاكم النسبية على التصويت.

هزيمة الاقتصاد

ماهي لعبة أردوغان القادمة
ماهي لعبة أردوغان القادمة

أدى ضعف أداء الاقتصاد إلى جانب إدارة الحكومة لأزمة كورونا، إلى تآكل السجل الاقتصادي للعدالة والتنمية، فقد كان يعمل في الأصل على منصة للنمو، ما يسمى بـ”المعجزة التركية” في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

لكن الركود الذي بدأ قبل ثلاث سنوات والتداعيات الاقتصادية للجائحة كشفا عن مشاكل البلاد طويلة الأمد، التي تمثلت في التضخم وديون الشركات وضعف العملة، مما قوّض الشرعية الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية وأدى إلى تراجع شعبيته.

كما أدى التدخل السياسي المتكرر لأردوغان في سياسات البنك المركزي إلى إضعاف الثقة المحلية في قدرة حزبه على قيادة الاقتصاد، في حين عززت وجهات نظر الرئيس الاقتصادية غير التقليدية بشأن التضخم التصور بأنه لا يرقى إلى مستوى التعامل مع التحديات المالية المستمرة.

وانخفضت الليرة بأكثر من 50 في المئة منذ انتخابات يونيو 2018 التي شهدت عودة أردوغان إلى السلطة، مما يقوض جهود حزبه لإقناع الأتراك باستخدام الليرة عوض الدولار الأميركي.

وفضلا عن ذلك، بلغت حالات الإفلاس أعلى مستوى لها منذ عشر سنوات، في حين ازداد معدل البطالة من 10 في المئة منذ ذلك الحين إلى أكثر من 12 في المئة منذ بداية هذا العام. علاوة على ذلك، جعلت إجراءات الطوارئ الخاصة بأزمة كورونا من الصعب على الشركات تسريح الموظفين، مما يشير إلى ضعف سوق العمل كما يظهر في أرقام البطالة الرسمية.

كما أن السياسات الخارجية لتركيا تحت حكم العدالة والتنمية خاطرت بإحداث أضرار اقتصادية، بما في ذلك توقيع العقوبات الأميركية على شراء نظام الدفاع الروسي أس – 400 وعقوبات الاتحاد الأوروبي المحتملة على التنقيب في المياه المتنازع عليها في شرق المتوسط. ورداً على هذا الضرر، تميل أنقرة إلى تهدئة المواجهات والسياسات العدوانية التي من المحتمل أن تؤدي إلى فرض عقوبات.

وعلى المستوى الداخلي، ينذر دعم حزب العدالة والتنمية للمحافظين بالمزيد من التدخل في سياسات المركزي والإدانات لأسعار الفائدة المرتفعة، فضلاً عن اتخاذ المزيد من الإجراءات القمعية ضد مجموعات المثليين، وفرض نفوذ إسلامي أعمق في كل من المدارس ووسائل الإعلام.

وتراجعت علاقات حزب أردوغان بالمحافظين الإسلاميين بمرور الوقت وسط فضائح تورط فيها مسؤولو الحزب وتشكيل أحزاب منشقة بديلة. كما تسببت محاولة الحزب الحاكم في استرضاء الناخبين العلمانيين والإسلاميين في إهماله لبعض الوعود السياسية التي قدمها للمحافظين الثقافيين.

ولكن مع وجود خيارات أقل لاستعادة الشرعية الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية، فإن تعزيز روابطه مع المجتمع الإسلامي الكبير في البلاد أصبح الآن أكثر إلحاحا.

ويربط الباحثان هوثورن وبول تلك الفرضية بقرار الانسحاب من اتفاقية إسطنبول، وقد يكون مدفوعا برغبة الحزب الحاكم في استعادة المحافظين، حيث لم يكن الاتفاق يحظى بشعبية بين الإسلاميين الذين رأوا أنه يتدخل في الشريعة الإسلامية.

سياسات الأسلمة في هدنة

ريان بول: لن توقف أنقرة دعمها لتيارات الإسلام السياسي بالمنطقة

أوقفت تركيا بعض سياسات الأسلمة، مثل القمع ضد أفراد ومجموعات مجتمع الميم، خوفًا من تأجيج التوترات مع الاتحاد الأوروبي، الذي يقيّم بانتظام سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان لاتخاذ قرار بشأن صلاحية انضمام تركيا إلى الكتلة.

ولكن مع عدم اقتراب انضمام تركيا إلى الاتحاد، فإن أنقرة الآن غير متحفزة لاسترضاء وجهات النظر الأوروبية بشأن حقوق الإنسان. ومع ذلك، يمكن أن تتغير هذه الحسابات إذا ارتفعت مخاوف الاتحاد الأوروبي بشأن سلوك تركيا الداخلي المثير للجدل إلى مستوى فرض العقوبات المحتملة التي يمكن أن تلحق المزيد من الضرر باقتصادها الهش.

وسيؤدي استخدام حزب العدالة والتنمية المتزايد لهذه التكتيكات إلى انجراف تركيا نحو الاستبداد الإسلامي مما يفضي إلى زيادة تسييس الإدارة الاقتصادية للبلاد وربما تطرف عناصر المعارضة، مع زيادة مخاطر سمعة الشركات الدولية التي تمارس نشاطًا تجاريًا في تركيا.

ويمكن للدعاية الانتخابية أن تجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل على الأحزاب الجمهورية والعلمانية والكردية الفوز بأغلبية حاكمة بغض النظر عن الشعبية العامة للحزب الحاكم، وتحرير حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية لسن سياسات طويلة الأجل تحوّل تركيا أيديولوجيًا إلى دولة إسلامية أكثر منها قومية.

ومع وجود قدر أقل من المساءلة عن كل من الحكم والأداء الاقتصادي، سيكون حزب العدالة والتنمية أكثر حرية في نشر السياسات الاقتصادية المصممة لتعزيز قاعدته ومصالحه التجارية ولكن مع زيادة التركيز على تطبيق المعايير الثقافية الإسلامية ستواجه بعض الشركات الدولية المزيد من التدقيق من جانب جماعات حقوق الإنسان التي تنتقد توجه تركيا نحو الحكم الاستبدادي.

وبالإضافة إلى ذلك، ومع وجود فرص أقل للفوز بالانتخابات، قد تتطرف أجزاء من المعارضة التركية، مما يقوي المتمردين الحاليين مثل حزب العمال الكردستاني ويدخلون في حركات احتجاجية أكثر قوة في المراكز الحضرية الأكثر علمانية في تركيا.

'