هل يرمم الغنوشي شقوق النهضة على حساب الشاهد – مصدر24

هل يرمم الغنوشي شقوق النهضة على حساب الشاهد

هل يرمم الغنوشي شقوق النهضة على حساب الشاهد

مراقبون يرون أن توقيت الإفصاح عن هذا الموقف الجديد الذي يرسم وجها آخر من مناورات الغنوشي، ليس بريئا، ولا هو خارج التحولات في المشهد العام بالبلاد.

تونس – تعمّق مناورات رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي حالة الغموض والارتباك في المشهد السياسي، وقد تتالت بلغة ملتوية وخطاب سياسي مُوارب يطرح الكثير من الأسئلة، في علاقة بالتحالفات التي نسجتها هذه الحركة على مقاس دورها وحجم حضورها.

وفي سياق هذه المناورات التي لا تتوقف عن الدفع باحتمالات متباينة، وسيناريوهات متضاربة، لم يستبعد راشد الغنوشي فرضية تغيير الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد، قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية المقرر تنظيمها خلال شهري أكتوبر ونوفمبر القادمين.

 

زهير المغزاوي: الغنوشي يبحث عن مخرج آمن للمأزق الذي دخلته حركة النهضة

 

وعلى عكس موقف حركته المتمسك ببقاء يوسف الشاهد وحكومته، تحت عنوان “الحفاظ على الاستقرار الحكومي والسياسي”، قال الغنوشي في تصريحات بثتها الأحد، إذاعة “جوهرة أف.أم” المحلية التونسية، إنه “بصدد التشاور مع كل الأطراف بشأن الإبقاء على حكومة يوسف الشاهد، إلى حين الانتخابات القادمة، أو تغييرها بحكومة تكنوقراط أو حكومة انتخابات”.

ويفصح الغنوشي بهذا التصريح الذي جاء على هامش مُشاركته في اجتماع لحركته في محافظة المنستير بشرق البلاد، عن موقف جديد لا يمكن تجاهله أو التغافل عن دوافعه، بالنظر إلى ما تضمنه من رسائل سياسية تتناقض في سياقها العام مع مخرجات الاجتماع الخامس والعشرين لمجلس شورى النهضة، الذي عقد الأسبوع الماضي.

ولم يذكر الغنوشي الأطراف التي يتشاور معها، علما أنه بهذا الموقف يقترب كثيرا من موقف الائتلاف اليساري “الجبهة الشعبية”، التي تُطالب بضرورة تشكيل “حكومة انتخابات”، وحزب التيار الديمقراطي الذي يدعو إلى حكومة تكنوقراط، وحركة نداء تونس التي تطالب برحيل الحكومة الحالية.

ويرى مراقبون أن توقيت الإفصاح عن هذا الموقف الجديد الذي يرسم وجها آخر من مناورات الغنوشي، ليس بريئا، ولا هو خارج التحولات في المشهد العام بالبلاد، التي فرضت نفسها بقياسات سياسية، ارتقت إلى درجة الاهتزاز الذي وصلت ارتداداته إلى جسم حركة النهضة الذي اهتز على وقع الزوبعة التي أثارها القيادي لطفي زيتون.

وفي هذا السياق، وصف القيادي في حزب “تحيا تونس” المحسوب على رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، لـ”العرب”، هذا الموقف بـ”الجديد الذي يأتي خارج إطار الموقف السابق لحركة النهضة التي تتمسك فيه بأهمية الاستقرار الحكومي والسياسي”.

واعتبر أن حزب “تحيا تونس”، “ليس معنيا بهذا الموقف الجديد، الذي يُلزم الغنوشي وحده، ولا يرى أيّ مُبرر لتغيير الحكومة الحالية”.

وحذر في المقابل، من أن تغيير الحكومة في هذا الوقت من شأنه تعريض الاستقرار السياسي والاقتصادي للخطر، كما من شأنه التأثير على المسار الانتخابي، بحيث تصبح عملية تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية موضع شك وتساؤل”.

وعلى العكس من ذلك، اعتبر زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب، أن هذا الموقف الذي عبّر عنه الغنوشي “كان مُتوقعا، وهو يندرج في إطار البحث عن مخرج آمن للمأزق الذي دخلته حركته بالنظر إلى تداعيات ملف الجهاز السري وتبعاته التي تهدد حركته”.

وقال لـ”العرب”، إن كل الدلائل كانت تشير إلى أن مواقف حركة النهضة التي تتمسك فيها بما يوصف بـ”الاستقرار الحكومي والسياسي”، لم تكن مواقف مبدئية، لأنها محكومة أصلا بتكتيك تحسين شروط التفاوض مع الرئيس الباجي قائد السبسي بعد إعلان القطيعة معها.

Thumbnail

ولم يستبعد في هذا الصدد، أن يشكل هذا الموقف “مقدمة لإطلاق حوار وطني ينتهي بإقرار مخارج آمنة لمنظومة الحكم الحالية، وخاصة منها حركة النهضة، وذلك من خلال التوافق على رحيل الحكومة الحالية برئاسة الشاهد، مقابل طمس ملف الجهاز السري”.

وبين هذا الموقف وذاك، لا يتردد المتابعون للشأن السياسي بالبلاد، في وصف هذا الموقف الجديد لراشد الغنوشي، بأنه محاولة لضبط الإيقاع داخل حركته التي اهتزت كثيرا بسبب تصريحات مستشاره، لطفي زيتون في أعقاب الاجتماع الخامس والعشرين لمجلس الشورى.

 وعرف الاجتماع المذكور الذي عُقد قبل أسبوع، أجواء صاخبة، ليس على مستوى النقاشات بخصوص جدوى الرهان على يوسف الشاهد وحكومته فحسب، وإنما أيضا على المداولات المُتعلقة بتماسك هذه الحركة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين.

و بدورها، فرضت تلك المداولات استنتاجات غذتها تصريحات لطفي زيتون، تدفع إلى الجزم بأن الخلافات داخل حركة النهضة الإسلامية تشهد تصعيدا مُتعدد الأبعاد، وقد اقتربت كثيرا من دائرة التصدع التي تجعل من محاولات الخروج منها لتصحيح وترميم صفوفها، صعبة للغاية.

ولم يتردد لطفي زيتون، الذي يرى أن الرهان على يوسف الشاهد هو رهان خاسر وستكون له تداعيات خطيرة على حركة النهضة، في رفض موقف رئيس الحركة، راشد الغنوشي، الداعم ليوسف الشاهد، بحجة “الحفاظ على الاستقرار الحكومي والتوافق”، وذهب في تدوينة له إلى حدّ التلميح بإمكانية انشقاقه عن الحركة، وتأسيس حزب أو تيار سياسي جديد.

'