واشنطن تكثف جهودها لتسوية أزمة السودان بعد تعثر المبادرة الإثيوبية – مصدر24

واشنطن تكثف جهودها لتسوية أزمة السودان بعد تعثر المبادرة الإثيوبية

واشنطن تكثف جهودها لتسوية أزمة السودان بعد تعثر المبادرة الإثيوبية

المخاوف تتصاعد في السودان، على لسان قوى التغيير، من احتمال التفاف الجيش على مطالب الحراك الشعبي للاحتفاظ بالسلطة، كما حدث في دول عربية أخرى.

الخرطوم – استأنفت الولايات المتحدة الأربعاء جهود الوساطة للتوصل إلى تسوية للأزمة السودانية التي تنذر في حال استمرارها بفوضى جديدة في المنطقة، وسط استمرار التباينات بين المجلس العسكري والتحالف المدني، ومحاولات الإسلاميين توظيفها للعودة وفرض حضورهم على الساحة.

وبدأ المبعوث الأميركي للسودان دونالد بوث الأربعاء زيارة إلى القاهرة تستغرق ثلاثة أيام يبحث خلالها سبل معالجة الوضع السوداني، في ظل جمود المبادرة الإثيوبية التي تلقى تحفظات خاصة من جانب المجلس العسكري.

وتعد هذه أول زيارة لبوث إلى القاهرة منذ إعادة تعيينه مبعوثا أميركيا للسودان. ومن المقرر أن يلتقي خلال زيارته لمصر مع عدد من كبار المسؤولين المصريين إلى جانب لقاء عدد من الشخصيات السودانية المقيمة هناك.

المبعوث الأميركي للسودان دونالد بوث يبدأ زيارة إلى القاهرة يبحث خلالها سبل معالجة الوضع السوداني
المبعوث الأميركي للسودان دونالد بوث يبدأ زيارة إلى القاهرة يبحث خلالها سبل معالجة الوضع السوداني

وكان المبعوث الأميركي قد التقى خلال الساعات الماضية مع المجلس العسكري الانتقالي السوداني حيث اقترح بوث إجراء انتخابات خلال عام واحد، وهو ما قد يلاقي اعتراضات من قادة الاحتجاج الذين يتمسكون بمدة ثلاث سنوات كفترة انتقالية قبل إجراء أي استحقاق انتخابي.

وقررت الولايات المتحدة في يونيو مغادرة المنطقة الرمادية والمشاركة بفاعلية في إيجاد حل للمعضلة السودانية عبر تعيين السفير دونالد بوث مبعوثا خاصا إلى السودان، خاصة وأن الرجل يتمتع بدراية واسعة بهذا البلد حيث سبق وأن عمل مبعوثا لدى السودان في عام 2016 لعلاج الأزمة مع دولة جنوب السودان.

وتبدي مصر حذرا في التعاطي مع الأزمة السودانية بالنظر للحساسيات بين البلدين، وفي ظل وجود جهات إقليمية ودولية تروج إلى أن القاهرة تريد نقل سيناريو ما بعد الإطاحة بحكم جماعة الإخوان إلى السودان.

وحذر الأربعاء رئيس حزب “الأمة” السوداني الصادق المهدي، من أن حدوث اضطراب في بلاده قد يحولها إلى قبلة لجماعات “بوكو حرام” النيجيرية و”الشباب” الصومالية و”داعش”.

وأوضح المهدي خلال مؤتمر صحافي أنه في حال حدوث اضطراب، لم يذكر طبيعته، “ستكون البلاد قبلة للتدخلات الإقليمية والدولية”، معتبرا أن “التصعيد والتصعيد المضاد ليسا من مصلحة الوطن”. واعتبر أن “المجلس (الانتقالي) العسكري، لم يكن مستعدا بخطط”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن “هناك تقصيرا من جانبنا في قوى الحرية والتغيير باعتبارنا من أحزاب مختلفة”.

وأضاف “أكاد أقابل مبادرين كل يومين، لكنني أرى أن المبادرات المحلية هي الأنسب”.

ويشهد السودان منذ عزل الرئيس عمر البشير في 11 أبريل الماضي أزمة سياسية حول كيفية وآليات إدارة المرحلة الانتقالية بين التحالف المدني الممثل في إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الذي تسلم زمام الأمور.

وبعد مفاوضات شاقة ومتقطعة جرى التوصل إلى صيغة بين الطرفين تحدد هيكلية المؤسسات التي ستتولى قيادة المرحلة إلى حين إجراء انتخابات بعد ثلاث سنوات. وتم التوصل لاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية يتولى التحالف المدني تشكيلها، وأيضا مجلس تشريعي يضمن فيه الأخير حضوره بنسبة 67 بالمئة، بيد أن الإشكال ظل قائما بشأن المجلس السيادي ومن سيشرف عليه.

وازداد الوضع تأزما بين الطرفين مع فض اعتصام مدني بالقوة أمام القيادة العامة للجيش السوداني في 3 يونيو الجاري أدى إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى.

وتتهم قوى الحرية والتغيير قوات الدعم السريع التي تعد أحد أبرز مكونات المجلس العسكري، حيث يتولى رئيسها محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي منصب نائب رئيس المجلس، بالوقوف خلف فض الاعتصام، مصرة على أنه لا مفاوضات مباشرة قبل التحقيق في الواقعة.

إدريس سليمان: لولا الإسلاميون لما كان هذا الحراك الجماهيري
إدريس سليمان: لولا الإسلاميون لما كان هذا الحراك الجماهيري

وفي المقابل يؤكد المجلس العسكري أن عناصر تابعة لجهات (لم يحددها) انتحلت صفة قوات الدعم السريع لتشويه صورتها، وأكدت مصادر أمنية الأربعاء أنه تم اعتقال عدد منهم وأصدرت بطاقات إيداع بالسجن ضدهم.

ويرى مراقبون أن تفعيل الولايات المتحدة لتحركاتها على الساحة السودانية قد يشكل عامل انفراجة قريبا بيد أنه ليس من الواقعي الذهاب بعيدا في التفاؤل خاصة وأن الوضع معقد، وفي حال تم التوصل لاتفاق بين التحالف المدني والمجلس العسكري قد تعمد أطراف أخرى وازنة في المشهد لإعادة خلط الأوراق عبر التصعيد.

وبدأت الأحزاب والتنظيمات التي تدور في فلك الإسلاميين تجميع شتاتها، محذرة من إقصائها من المشهد.

وقال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي في السودان، إدريس سليمان، إن الحزب يرفض أي اتفاق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، باعتباره “اتفاقا ثنائيا” يُقصي قوى سياسة أخرى لها دور في الثورة.

ويعتبر سليمان إن الإسلاميين هم أول من بدأ الصراع مع نظام البشير، قائلا “لولا الإسلاميون لما كان هذا الحراك الجماهيري”.

والمؤتمر الشعبي هو حزب أسسه الراحل حسن الترابي بعد انشقاقه عن حزب المؤتمر الوطني، وكان الترابي عراب الانقلاب الذي قاد البشير إلى السلطة في العام 1989. وبعد قطيعة عاد الترابي وشارك في الائتلاف الحكومي، وتصر قوى الاحتجاج الرئيسية على أنه لا مكان لمن شارك في نظام البشير في السلطة.

ويرى متابعون أن تصريحات المسؤول في المؤتمر الشعبي تعكس واقع أن إسلاميي السودان بدأوا يستعيدون ثقتهم بأنفسهم، بعد أن تملكتهم هواجس خلال الاحتجاجات ضد البشير وما بعده اضطرتهم إلى الانزواء والابتعاد عن المشهد، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى الخلاف المندلع بين المدنيين والعسكريين.

'