وفد سوداني إلى إسرائيل لكسر الحاجز النفسي إزاء التطبيع – مصدر24

وفد سوداني إلى إسرائيل لكسر الحاجز النفسي إزاء التطبيع

الخرطوم – يستعد وفد سوداني غير رسمي لزيارة إسرائيل، وسط مؤشرات عن “اتفاق تطبيع محتمل” بين البلدين، في خضم الاتصالات السياسية والدبلوماسية المكثفة التي تتعلق بتطبيع العلاقات، وتنامي التيار المؤيد لهذا التوجه داخل السودان.

ويخطط رجل الأعمال السوداني أبوالقاسم برطم لتنظيم رحلة من المتوقع أن تثير جدلا إلى إسرائيل، تضم أربعين سودانيا من مختلف فئات المجتمع لتعجيل التطبيع.

ويقول برطم وهو نائب سابق في البرلمان السوداني ورجل أعمال “سيكون معنا أساتذة جامعات وعمال ومزارعون وفنانون ورياضيون وبعض أتباع الطرق الصوفية”.

وتثير هذه الرحلة جدلا واسعا في السودان بسبب انقسام المواقف حول مسألة التطبيع مع اسرائيل، سواء بين الأحزاب السياسية أو داخل المجتمع المدني وحتى الحكومة الانتقالية التي تولت السلطة في السودان عقب إسقاط الرئيس عمر البشير في أبريل 2019.

ويؤكد برطم، أنه سينفق 160 ألف دولار على الرحلة المقررة في نوفمبر لمدة خمسة أيام.

وحول الهدف من الزيارة، يوضح برطم أن “هناك حاجزا نفسيا بين السودانيين واسرائيل، خلقه أصحاب الفكر الإسلامي أو اليساري أو القومي العربي ولابد من كسر هذا الحاجز النفسي”.

ويؤكد برطم انه لم يسبق له أن زار إسرائيل وأنه لا يجري اتصالات مع سلطات هذا البلد.

لكنه يشير إلى أن لا شيء يمنعه من زيارة اسرائيل، بعدما شُطبت عبارة “يسمح لحامله بالسفر إلى جميع البلدان عدا اسرائيل” من جواز السفر السوداني قبل 15 عاما.

وفي استطلاع للرأي أعده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ونشرت نتائجه الأسبوع الماضي، أيد 13 بالمئة من السودانيين فقط إقامة علاقات دبلوماسية بين السودان واسرائيل فيما عارض هذه الخطوة 79  بالمئة.

ويقول برطم “أنا أهتم بمصالح بلدي وأرى أن عداءنا مع اسرائيل قد أضر بنا.. بلدنا غني بالموارد الطبيعية ومع ذلك أصبحنا نتسول”.

ويعاني الاقتصاد السوداني من أزمة عائدة بجزء منها إلى العقوبات المفروضة على هذا البلد المدرج على القائمة الأميركية “للدول الراعية للارهاب” منذ العام 1993 بسبب علاقة البلاد بمنظمات إسلامية مثل القاعدة التي أقام زعيمها السابق أسامة بن لادن في البلاد بين العامين 1992 و1996، مما حرم الخرطوم من الاستثمارات الخارجية ووضعها في عزلة.

هل السودان على بعد خطوات من التطبيع
هل السودان على بعد خطوات من التطبيع

ويرى رجل الأعمال السوداني “أعتقد أن التطبيع سيفتح لبلادنا آفاق الاستثمار الغربي والحصول على التقنية الغربية، صحيح إسرائيل دولة صغيرة ولكن يؤثر مواطنوها تأثيرا كبيرا على الاقتصاد الغربي في أوروبا والولايات المتحدة”.

وفي حين يرى العسكريون في السودان أن الأمر يحقق مصلحة البلاد، يتخذ المدنيون في الحكومة الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، موقفا أكثر حذرا.

وفي فبراير الماضي، التقى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في أوغندا.

ومطلع الشهر الحالي، أكد الفريق محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس لقناة سودانية “إسرائيل دولة متقدمة، والعالم كله يعمل معها.. من أجل تنميتنا نحتاج إلى إسرائيل”. إلا أن حمدوك، أكد حرصه بعد لقاء بومبيو على الفصل بين “إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والتطبيع مع إسرائيل”.

وشدد في نهاية سبتمبر على أن “قضية التطبيع معقدة ولها العديد من الآثار وتتطلب مناقشة داخل مجتمعنا”.

وتريد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يحذو السودان حذو الامارات والبحرين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقد زار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الخرطوم في اغسطس لحث السودان على اتخاذ هذه الخطوة.

وقد أثارت تصريحات حمدوك سخط برطم ما جعله يتهم الحكومة الانتقالية بغياب الرؤية.

ويواجه السودان عقبة جديدة أمام رفع اسمه من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب تتمثل في مطالبته بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، فيما يقاوم مسؤولون سودانيون الربط بين القضيتين.

ويعارض التطبيع أيضا مجمع الفقه الاسلامي أعلى سلطة دينية اسلامية في البلاد.

وقال الأمين العام للمجمع عادل حسن حمزة “بحضور 40 عضوا من اعضاء المجمع البالغ عددهم 50 اصدرنا فتوى بعدم جواز التطبيع مع اسرائيل لأنها دولة محتلة للأراضي الفلسطينية (..) أعتقد أن الحكومة ستلتزم بهذه الفتوى”.

لكن برطم يرى أن زيارته ستساعد على بناء الثقة بين الناس وهو مصمم على المضي قدما بها.

ويؤكد “مسألة التطبيع مع اسرائيل قضية سياسية وليست دينية .. أعلم أن رحلتي ستثير ردود فعل سلبية ولكن هذا لا يخيفني”.

وتعد المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها السودان أحد المرتكزات الرئيسية للخروج من النفق المظلم، بعد ازدياد الانتقادات الموجهة للسلطة، وهو ما دفع بالعديد من القوى السياسية لدعوة الحكومة إلى قبول العرض الأميركي بشأن التطبيع مع إسرائيل واستثمار الفرصة قبل انتهاء فترة الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وقال البرهان في سبتمبر إن مباحثاته مع المسؤولين الأميركيين، خلال زيارته الأخيرة للإمارات، تناولت عدة قضايا، بينها “السلام العربي” مع إسرائيل.

وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية وأميركية، ذكرت أن السودان وافق على تطبيع علاقاته مع إسرائيل، في حال شطب اسمه من قائمة “الدول الراعية للإرهاب” وحصوله على مساعدات أميركية بمليارات الدولارات.

ووقع إدراج السودان على القائمة الأميركية “للدول الراعية للإرهاب” منذ عام 1993، لاستضافته آنذاك، زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

'