ولي العهد الأردني: أنا موجود وأملأ منصبي – مصدر24

ولي العهد الأردني: أنا موجود وأملأ منصبي

عمان – لاحظت دوائر سياسية ظهورا متزايدا في الآونة الأخيرة لولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله، بتكليفه بلعب دور تنفيذي أكبر والمشاركة في صياغة وبلورة توجهات المملكة السياسية والاقتصادية، فيما بدا الهدف من ذلك إظهار أن ولي العهد يملأ مكانه وأهل لتلك المهمة، وأن قرار تعيينه في المنصب في يوليو 2009 خلفا لعمه الأمير حمزة كان قرارا صائبا، وذلك ردا على الجدل الذي تكرر في الأوساط الشعبية بشأن منصب ولي العهد مع بروز ما بات يعرف بقضية الفتنة والتعاطف الشعبي مع الأمير حمزة.

وأشارت هذه الدوائر إلى أن تزايد أنشطة الأمير الحسين ذات الطابع الميداني، والتي تضعه وجها لوجه مع الناس وتمكنه من الاستماع لهم، هدفه هو الاقتراب من الشعب بمختلف مكوناته من شباب وموظفين في مختلف القطاعات وعشائر ورجال أمن ليمتلك نفس المنزلة التي يمتلكها الأمير حمزة بين الأردنيين، وهو ما كشفت عنه أزمة الفتنة ودعم العشائر له.

وأظهر مقطع فيديو، تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن الخميس، تفقد الأمير الحسين مركزا لإعطاء لقاحات كورونا في مديرية صحة العقبة. وعند دخول مرافقي الأمير، وكان ولي العهد يتبعهم، إلى مركز التطعيم قال موظف الأمن “هوياتكم شباب”.

الحل ليس في تقريب ولي العهد من الناس، ولكن في السياسات التي تعتمدها الدولة لكسب قلوبهم

وقال مراقبون إن الرسالة هنا واضحة؛ إذ يفيد فحواها بأن الأمير يريد تأكيد أنه قريب من الناس، وأنهم اعتادوا عليه بينهم حتى أنهم باتوا يسألون مرافقيه عن هوياتهم، وهي إشارة رمزية إلى أن ولي العهد متواضع ويمكن الوصول إليه بسهولة، وأن مرافقيه ليسوا أشداء شرسين كما قد تصورهم إشاعات من هنا وتسريبات من هناك.

ويحرص العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على أن يكون ولي العهد إلى جانبه في بعض الأنشطة السياسية الهامة، من ذلك إشرافه على أول اجتماع عقدته اللجنة الملكية لإصلاح المنظومة السياسية، في خطوة يعتقد المراقبون أن الهدف منها تهيئة الأمير لاستيعاب مختلف الملفات والوقوف على مراحل الإصلاح، وفي ذلك تأكيد على أن ولي العهد سيخرج من دائرة الاهتمام بالملفات الصغيرة والعلاقة مع الشباب والأنشطة ذات البعد الاجتماعي إلى ما هو أكبر.

وقال الملك عبدالله “إننا سنواصل البناء على جهود الآباء والأجداد، وسيكون ابني الحسين إلى جانبي، للاستمرار في نهج التحديث والتطوير”.

وأثارت عبارة “سيكون ابني إلى جانبي” انتباه الكثيرين، في ما بدا رسالة منه إلى الأصوات المتحفظة والمنتقدة لولي العهد، والتي لم تعد تخفي شكوكها في قدرة الأمير (من مواليد 1994) على تولي زمام الأمور مستقبلا في منطقة ساخنة.

وأشرف ولي العهد الأردني مؤخرا على سلسلة من الاجتماعات، وكان من بينها ترؤسه اجتماعا في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، اطلع من خلاله على الخطة التشغيلية للمثلث الذهبي (البترا، وادي رم، العقبة)، وذلك في إطار متابعته للتوجيهات الملكية بضرورة تكثيف العمل لتطوير المنتج السياحي في المملكة وترويجه محليا وعربيا ودوليا.

وأكد الأمير خلال الاجتماع، الذي حظي بتغطية إعلامية محلية لافتة، على أهمية بذل كل الجهود لتطوير قطاع السياحة ليتمكن من المنافسة على المستوى العالمي؛ وذلك من خلال اعتماد أسعار تنافسية، وتحسين نوعية الخدمات والمنتج السياحي، والترويج السياحي للمواقع في الأردن.

Thumbnail

كما عاد ولي العهد الطفلة اللبنانية سهيلة كسار التي نقلت من لبنان بتوجيهات ملكية إلى مدينة الحسين الطبية في الأردن لاستكمال علاجها بطائرة إخلاء طبي من سلاح الجو الملكي، إثر إصابتها برصاصة طائشة.

وينتظر أن يوسع الأمير الحسين أنشطته لتشمل مختلف القطاعات والفئات الاجتماعية وقد يعلن عن سلسلة من المبادرات ذات البعد الإنساني والاجتماعي، وذلك ضمن خطة تم اتخاذها من قِبل المؤسسة الملكية على ضوء نتائج التحقيق في قضية الفتنة التي خلقت مقارنات بين الأمير حمزة الذي يحظى بشعبية داخل العشائر والمناطق الطرفية، وبين ولي العهد الذي كان حضوره مقتصرا على رعاية مبادرات شبابية أو الظهور إلى جانب والده في اللقاءات مع زعماء ومسؤولين دوليين.

لكن محللين يعتقدون أن المشكلة ليست في الاشتغال على تحسين صورة ولي العهد وتقريبه من الناس ليحل في قلوبهم محل الأمير حمزة، وإنما في السياسات التي يمكن أن تعتمدها الدولة الأردنية من أجل كسب قلوب الناس، وخاصة الجهات الغاضبة مثل العشائر.

ونبهت أزمة الأمير حمزة أجهزة الحكم إلى وجود فجوة واسعة باتت تفصلها عن العشائر التي تشكو الآن من الإهمال وغياب التأثير، خصوصا بسبب التداعيات التي تركتها الخطط الاقتصادية المتعاقبة على المجتمعات العشائرية منذ حوالي عشرين عاما.

ويواجه الأردن أزمة اقتصادية خانقة فاقمها تفشي جائحة كورونا وتغير أولويات الدول المانحة، الأمر الذي أدى إلى احتقان شعبي وتململ في صفوف الشارع الذي يرى أغلبه أن المشكلة في المملكة تتجاوز ظروفا اقتصادية فرضتها أوضاع معيّنة لتؤشر على وجود خلل في المنظومة ككل، بسبب البيروقراطية وتفشي الفساد وغياب مسؤولين يملكون رؤية مستقبلية واضحة.

وتطغى الانتماءات العشائرية والمناطقية على المجتمع الأردني مقابل تراجع الاهتمام بالانتماء السياسي في البلد الذي يضم نحو خمسين حزبا، لكنها لا تزال قاصرة عن المشاركة السياسية الفاعلة.

'